ترقب السماء! ففي مشهد فلكي مثير للاهتمام، تتجه أنظار علماء الفلك نحو زائر فضائي صغير يشق طريقه بسرعة مذهلة نحو كوكبنا الأزرق. كويكب بحجم منزل عادي سيمر بالقرب من الأرض في حدث فلكي يستحق المتابعة، رغم طمأنة العلماء بأنه لا يشكل أي خطر على كوكبنا.
رحلة سريعة قرب القطب الجنوبي
وفقاً للتقارير الفلكية الأخيرة، سيمر الكويكب المُسمى “2025 KF” على مسافة 115,000 كيلومتر من الأرض في 21 مايو، تحديداً حوالي الساعة 17:30 بتوقيت غرينتش. والمثير للدهشة أن هذا الزائر الفضائي سيحلق بسرعة هائلة تبلغ 41,650 كيلومتراً في الساعة، محلقاً بالقرب من القطب الجنوبي لكوكبنا قبل أن يواصل رحلته الطويلة حول الشمس.
“هذه المسافة تعتبر آمنة تماماً رغم أنها قريبة بالمقاييس الفلكية،” كما يوضح الدكتور أحمد راشد، الباحث في علم الفلك. “للمقارنة، هذه المسافة تعادل تقريباً ثلث المسافة بين الأرض والقمر، وهي بعيدة بما يكفي لعدم القلق، لكنها قريبة بما يكفي لإثارة اهتمام المراقبين والباحثين.”
اكتشاف حديث من صحراء أتاكاما
المثير في الأمر أن هذا الكويكب لم يُكتشف إلا قبل أيام قليلة من اقترابه، تحديداً في 19 مايو، على يد فريق من علماء الفلك في مشروع MAP بصحراء أتاكاما في تشيلي. هذا الاكتشاف المتأخر يعكس التحديات التي تواجه العلماء في رصد الأجسام الصغيرة نسبياً في الفضاء الشاسع.
كويكب بحجم منزل يقترب من الأرض بسرعة هائلة ويدمر كل شئ أثناء سيره.. تعرف علي التفاصيل
تشرح البروفيسورة سارة المنصوري، المتخصصة في فيزياء الفضاء: “الأجسام الصغيرة مثل 2025 KF يصعب رصدها حتى تقترب بشكل كبير من مدار الأرض، لكن شبكة المراقبة العالمية تتحسن باستمرار، مما يمكننا من اكتشاف المزيد من هذه الأجسام مبكراً.”
منزل متنقل في الفضاء
يتراوح قطر الكويكب بين 10 و23 متراً، وهو ما يجعله بحجم منزل متوسط تقريباً. ولعل هذا الحجم هو ما يجعله غير مقلق بالنسبة للعلماء، فحتى لو انحرف عن مساره -وهو أمر مستبعد تماماً- فإنه سيحترق في الغلاف الجوي للأرض دون أن يشكل خطراً على سكان الكوكب.
جزء من منظومة الحماية الكوكبية
يأتي هذا الحدث الفلكي في إطار الجهود المستمرة من وكالة ناسا ومراكز البحث العالمية لمراقبة الأجسام القريبة من الأرض. فمنذ عام 1998، وثقت ناسا ما يقرب من 40,000 كويكب يمر بالقرب من كوكبنا، منها حوالي 4,700 كويكب مُصنف كـ”كويكبات خطيرة محتملة”.
ويطمئن العلماء في مركز دراسة الأجسام القريبة من الأرض أنه “من غير المرجح أن يصطدم أي كويكب قادر على التسبب في أضرار واسعة النطاق بالأرض خلال المئة عام القادمة.”
لن يشكل مرور “2025 KF” رقماً قياسياً لأقرب كويكب يمر بالأرض، فهذا الرقم لا يزال محتفظاً به كويكب بحجم سيارة مر عام 2020 على بعد لا يتجاوز 2,950 كيلومتراً من سطح كوكبنا. لكنه يذكرنا بأننا جزء من نظام كوني متحرك، حيث تسبح الأجرام السماوية في مدارات متعددة، وتتقاطع مساراتها في رقصة كونية مستمرة منذ بلايين السنين.