مشروع مصري بديل لسد النهضة في ظل تصاعد الأزمة بين القاهرة وأديس أبابا، بدأت مصر في رسم ملامح استراتيجية مائية جديدة تواجه بها تداعيات السياسات الإثيوبية الأحادية. مشروع طموح يهدف لتخفيف آثار حجز المياه خلف سد النهضة، وتأمين المصادر المائية للأجيال القادمة.
سد النهضة
دخلت أزمة سد النهضة منعطفًا جديدًا بعد 13 عامًا من المفاوضات المتعثرة. وفي خطوة تصعيدية، أرسل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خطابًا إلى مجلس الأمن الدولي، حمل اتهامًا صريحًا لإثيوبيا بغياب الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق عادل.
“سياسة الأمر الواقع التي تنتهجها أديس أبابا تمثل خرقًا صارخًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015، وتضع مستقبل التعاون المائي في المنطقة على المحك”، كما صرح مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى.
الخطة المصرية البديلة
لم تقف مصر مكتوفة الأيدي أمام التحديات المائية المتصاعدة. فبحسب عباس شراقي، خبير الموارد المائية المصري، “بدأت الحكومة تنفيذ استراتيجية شاملة تتضمن مشروعات ضخمة لترشيد استهلاك المياه وإيجاد بدائل غير تقليدية”.
أكبر مشروع يهدد سد النهضة
تستكمل مصر مشروع تبطين الترع وإحلال منظومة الري الحديث في الدلتا والوادي، بالإضافة إلى محطات معالجة ضخمة مثل محطة بحر البقر وغرب الإسكندرية، بتكلفة تتجاوز 50 مليار جنيه للمحطة الواحدة.
الآبار الارتوازية والتقشف المائي
حفرت مصر آلاف الآبار الارتوازية في المناطق الصحراوية، بتكلفة تتراوح بين مليون و5 ملايين جنيه للبئر الواحد حسب طبيعة التربة. هذه الجهود تأتي ضمن سياسة شاملة للتقشف المائي وتعديل التركيب المحصولي للزراعات المصرية.
السدود الإثيوبية المساعدة تثير المخاوف
تزامنًا مع الجهود المصرية، كشف ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري المصري السابق، عن نية إثيوبيا بناء ثلاثة سدود جديدة على فرع النيل الأزرق في مناطق “كاردوبي، ميندايا، وبيكوابو”.
“هذه السدود ليست فقط لتخفيف الضغط على جسم سد النهضة، بل قد تكون بداية لمشروع بيع المياه إلى دول المصب في المستقبل”، يحذر القوصي، مطالبًا الحكومة المصرية باتباع نهج أكثر حزمًا في التعامل مع أديس أبابا.
التكلفة الباهظة لتعويض المياه
يقدر خبراء المياه تكلفة تعويض كل مليار متر مكعب من المياه تحجزها إثيوبيا بنحو 10 مليارات جنيه مصري، وهو ما يشكل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد المصري في ظل الأزمات المتلاحقة.
في المقابل، يرى الكاتب الصحفي الإثيوبي زاهد زيدان أن “بلاده لم تتسبب حتى الآن في أي ضرر لمصر والسودان، وأن إثيوبيا ملتزمة بملء السد على مدى سنوات طويلة، وصلت الآن إلى سبع سنوات”، مؤكدًا أن أي سدود جديدة لن تُبنى إلا بالتنسيق مع دول الحوض.
بين بناء السدود الإثيوبية وتنفيذ المشروعات المائية البديلة، تبقى قضية مياه النيل معادلة صعبة تتطلب حلولًا أكثر جذرية. فهل تنجح مصر في كسر الطوق عليها عبر مشروعاتها البديلة، أم سيفرض واقع جديد نفسه على حوض النيل بأكمله؟